دور الصحافة فى زمن الحرب على كورونا-مقاربة مقترحة/سعيد ولد حبيب

ثلاثاء, 15/12/2020 - 01:19

 

ماهية الاعلام في زمن الحرب ليست هي ماهيته في أوقات السلم، معادلة متواضع عليها في مختلف الأنظمة والمجتمعات ومواجهة تفشي فيروس كورنا اليوم كمثل مواجهة أي عدو ـ جيشا جرارا كان او عصابات او اخطارا مشابهةـ لذلك سنحتاج في مؤسسات الاعلام الوطنية ـ مستقلة كانت او رسمية ـ الى وضع مقاربة تنطلق من القاعدة الاصلية الواردة انفا، بحيث تحافظ وسائل الاعلام المستقلة على رصيدها من الاستقلالية بالقدر نفسه مع إضفاء لمسات مهنية واخلاقية على ما تنتجه للاستهلاك الجماهيري، فتتجنب الأخبار الزائفة والكاذبة وتمتنع عن الاثارة التي تحركها غريزة جلب الجمهور، وهي في ذات الوقت مطالبة بمنح هوامش من التحسيس تستخدم فيها ما يمكن من أساليب متاحة في عالم اليوم.

بالمقابل سيكون من المفيد للجهات الرسمية توسيع دائرة الانفتاح أكثر على تلك المؤسسات لإشراكها من خلال ضمان توفير مصادر للأخبار وتسهيل تحرك طواقمها وعناصرها في أوقات حظر التجوال واعطائها فرصا متساوية في مشاريع الدعاية والتسويق اذا ما كانت هنالك مشاريع او برامج حكومية في هذا المجال .

دور مؤسسات الاعلام العمومي

غني عن القول ان وسائل الاعلام العمومي مناط بها الدور الأكبر في تسيير الحرب الإعلامية لكسر شوكة هذا الفيروس القاتل بالنظر الى ما تمتلكه من وسائل وموارد مالية وبشرية وما يفرض عليها الوضع من واجب التصدي في هذه الظروف بيد ان المشكلة المطروحة دائما بالنسبة لهذه المؤسسات هي في القدرة على ابتكار زوايا المعالجة ومدى استطاعتها على استغلال مالديها من مقدرات لتتمكن من إيصال رسالتها الى الجمهور بكفاءة وبعيدا عن الابتذال واستخدام اللغة الخشبية،

لقد كانت تجربة مواكبة المرحلة الأولى من الفيروس مقبولة على مستوى بعض وسائل الاعلام الرسمية مع تفاوت في النتيجة املتها ظروف كل مؤسسة والمطلوب منها وسنتطرق الى ما يمكن لكل مؤسسة على حدة فعله حسب وجهة نظري

الوكالة الموريتانية للأنباء : تمثل الوكالة الموريتانية للأنباء روح الاعلام الحكومي التقليدي لجهة مصداقيتها ولطبيعة تكوينها فهي ليست مثل الإذاعة والتلفزيون اللتين تمثلان شركتي مساهمة شـ م

تقوم الوكالة من خلال موقعها الإلكتروني وصفتحتها على الفيسبوك ومخرجاتها السمعية البصرية بمهام تتطلب المزيد من العمل لتطوير مخرجاتها خاصة في عصر اليوم وفي ظل توفر الوسائل والأدوات ففضلا عن المهمة الأساسية في نشر الاخبار المتعلقة بجهود الحكومة في مواجهة الفيروس فيمكن للوكالة انتاج فيديوهات تحسيسة مع استخدام تقنيات الانفوجرافي وغيرها من وسائط الاعلام الجديد عبر انعاش واجهة موقعها الالكتروني بمواد من هذا القبيل مع إمكانية تطوير الخدمة الإخبارية باستخدام الأسلوب نفسه

الإذاعة

يساعد شبكة إذاعة موريتانيا توسعها داخل البلاد ووصولها لجل القرى والارياف وسهولة، التقاطها على مختلف الموجات على القيام بدور أساسي في مجال التحسيس والتوعية بمخاطر انتشار عدوى الوباء وطرق الوقاية، وتمتلك الإذاعة جمهورا عريضا في المدن والقرى والارياف لذا فان جل متابعيها هم من الطبقة الفقيرة والمتوسطة وهو ما يعني ان خطابها ينبغي ان يعتمد على أدوات ووسائل التعبير البسيطة وان تستخدم أحيانا اللهجات المحلية و”الاسكتشات” الاذاعية القريبة من ثقافة المستمع بهدف التحسيس ضد مخاطر انتشار عدوى الفيروس وشرح طرق انتقاله مع ابراز خطورته، ليس على حياة الافراد فحسب ولكن كذلك على الأنشطة الزراعية والتنموية في المناطق التي ينتشر فيها الوباء ، فالتركيز يجب ان يركز على التحسيس اكثر من الاخبار على مستوى المحطات الجهوية والاذاعات الريفية بينما يأخذ شكلا اخر من خلال انجاز تقرير إذاعية مهنية

التلفزيون

اصبح التلفزيون في عصر اليوم وسيلة اعلام جامعة مع حضور قوي للصورة وللجرافيكس وسهولة الوصول الجميع ، وخلال الجولة الأولى من مواكبة جهود التحسيس تمكنت الموريتانية من تقديم صورة مقبولة ، قبل ان تؤسس مكاتب في جل الولايات الداخلية

ان وجود هذه المكاتب اليوم يشكل فرصة كبيرة لتحسين مستوى المعالجات واستغلال مساحات المباشر لتقديم الأفضل ، لقد كنا في السابق نركز على الكم اما اليوم فينبغي ان نهتم بالنوعية والجودة ولن يتحقق ذلك الا باتباع رؤية إعلامية محددة الملامح وواضحة الأهداف بحيث يمكننا ان نساهم في الحرب على الفيروس متخلصين من الرتابة المعهودة في التغطيات ومن اللغة الخشبية المستخدمة

لقد اثبتت القصص الإخبارية تأثيرها واهتمام الجمهور بها كما تتيح فرصة بقاء الناس في البيوت بسبب الحظر الليلي الوصول الى اكبر عدد من المشاهدين وذلك يمثل تحديا مباشرا أيضا لكفاءة الطواقم وسياسات التحرير المتبعة .

التفاؤل ـ والحذر

مواجهة هذا العدو الخفي ليست مواجهة تقليدية واقوى سلاح للقضاء عليه هو التحسيس بسبل الوقاية والمهنية في المعالجة والصدق في المعلومة الخبرية المتعلقة بالوباء في انتظار وهذه هي مسؤولية وسائل الاعلام التي يجب ان تتعامل مع الجمهور في عصر اليوم بوصفه جمهورا مطلعا اكثر من ذي قبل وعارفا بالكثير من التفاصيل والابعاد فلا تعتبر انه ساذج سطحي تنطلي عليه أساليب العقود الماضية فتكذب عليه او تسخر منه ، كما ينبغي ان لا تتجاهل حاجته الى الترفيه وكسر الروتين أحيانا فتقدم له مادة تفتح الشهية بعد رهاب اخبار الوباء

سعيد حبيب/ صحفي / مرشح لمنصب نقيب الصحفيين الموريتانيين 2020