الصيد في "المياه العكرة "!/أحمد محمود محمد

أحد, 31/12/2023 - 19:51

 

للأسف لقد تحول الفيسبوك إلى محيط من الشائعات والأكاذيب، تتلاطم أمواجه دون أي رقيب ولا أي وازع ديني أو أخلاقي، فتضرب مصالح المواطنين والأجانب، وتؤثر على المصالح العليا للبلد.

إن العالم الافتراضي -البعيد من الواقع- أصبح الوجهة المفضلة لكل من لديه مآرب خاصة، فيروج للأكاذيب من أجل الإضرار بمنافسيه، لأنه لا أحد سيكلف نفسه عناء التحقق من أي معلومات يقذف بها مجهول عبر صفحته، فتتحول الشائعة إلى خبر، والكذبة إلى حقيقة.
منذ أيام بدأت حسابات على الفيسبوك تشن هجوما منظما وقويا ضد رجل أعمال تركي يستثمر في مجال الصيد بمدينة نواذيبو، وكان وقود هذه الحملة الشعواء كم هائل من الشائعات والأكاذيب التي لا أساس لها من الصحة.

المفارقة هي أن المياه الإقليمية الموريتانية ظلت لعقود مسرحا للتنافس بين المستثمرين، وهو ما يعود بمكاسب كبيرة على الاقتصاد الوطني، وهو تنافس تجاوز رجال الأعمال ليحدث ما بين قوى دولية، على غرار الاتحاد الأوروبي والصين واليابان.

ولكن التنافس ظل دوما يجري وفق قواعد القانون والشرع، وكانت السلطات الموريتانية دوما حاضرة لضبطه وتنظيمه، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ التنافس يتحول إلى صراع، وبدأ الصراع يتحولُ إلى حرب قذرة وغير أخلاقية.

إنَّ الهجوم الذي تعرض له رجل الأعمال التركي ماموش  تقف خلفه مجموعة من ممثلي سفن صيد تركية أخري تعمل في المياه الإقليمية الموريتانية، تبيع السمك إلى شركات موكا الصينية، وحاولت من خلال الشائعات أن تتهم رجل الأعمال التركي بأنه ارتكب خروقات منها الصيد في مناطق محظورة.

الأكيد هو أن هذه التهمة مثيرة للسخرية والضحك، لأن العاملين في المجال يعلم علم اليقين أن السلطات الموريتانية منذ فترة وهي تتحدث عن تعزيز الرقابة، من خلال إجراءات تتضمن إلزام كل سفينة صيد باصطحاب عنصرين يراقبان التزامها بالنظم والقوانين المعتمدة للصيد.

كما تتضمن الإجراءات عمليات تفتيش مفاجئة تقوم بها دوريات خفر السواحل على السفن، لضبط المخالفات ومعاقبة السفن المخالفة، هذا بالإضافة إلى وضع أجهزة تعقب على السفن، من أجل متابعة جميع تحركاتها بشكل آني.

ولكن من يخبر أهل الفيسبوك بكل هذه الإجراءات، ولعل الجهات الرسمية ممثلة في وزارة الصيد هي المخولة بأن تحسم هذا الجدل التافه، وإيقاف الشائعات المغرضة، من خلال إنارة الرأي العام ووضع الأمور في نصابها.

من مسؤولية الجميع أن يكون حريصًا على حماية الثروة الوطنية من السمك، والإبلاغ عن أي صيد جائر، ولكن من الأخلاق أيضًا أن يبتعد الجميع عن الصيد في المياه الراكدة.. لأن ذلك يضر بمصالح الجميع.. ويضر بمصالح الوطن العليا.