في صبيحة يوم الجمعة السادس عشر من مايو من عام 1997، رمى موبوتو سيسي سيكو بنفسه داخل المقاعد الخلفية لسيارته الرئاسية، انطلقت به مسرعة إلى مطار "إنجيلي" شرق كينشاسا، ليبدأ من هناك رحلة الهروب المضنية نحو المنفى والموت البطيء،
يمكن القول بأن الخلاف حول مرجعية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية كان هو الموضوع الأبرز للمؤتمر الصحفي الذي نظمه الرئيس السابق في منزله، ولذلك فإن هذا التعليق الأولي سيركز بالأساس على موضوع المرجعية وعلى ما أثير حولها من نقاش.
(1)
لنبدأ بطرح السؤال:
متى ظهر الخلاف حول المرجعية؟
إذا خرجت للناس لتقول لهم إنك موجود، فمن المناسب أن تكون موجودا فعلا.. أما إذا خرجت للناس لتطلعهم على حقيقة وجودك التي تريد أن يترسخ غيرها فأنت تمارس نوعا من الانتحار تحسبه ناعما، وهو في منتهى الخشونة.
بدءا لابد من القول بأنه لا مبرر إطلاقا لحرمان الرئيس السابق من عقد مؤتمر صحفي إن هو أراد ذلك، هذا إن تأكد للجهات المعنية بأنه ليست هناك أي محاولة لزعزعة الأمن من خلال ذلك المؤتمر الصحفي. إن منع الرئيس السابق من تنظيم مؤتمر صحفي سيكون دعاية له، وإن السماح له بتنظيمه سيضرُّه أكثر مما سينفعه.
لو أنني كنت مكان الرئيس الحالي؛ لقمت بالتصريح عن ممتلكاتي العميقة وإعادة المشبوه منها للخزينة العامة للدولة وأعتذرت للشعب؛ ثم قلصت راتبي إلى نصف قيمته؛ فثلاثة ملايين ونصف أوقية قديمة تكفي لمن لا يدفع إيجار السكن ولا يسدد الفواتير وتنقله مجاني.
لم أتعود على الكتابة في الشأن الداخلي الموريتاني في هذه الصفحة، مراعاةً لمقتضيات الموضوعية والإنصاف في التعرض لساحة سياسية، طبعها في الغالب الاحتقان والتأزم في السنوات الأخيرة، لكن الذكرى التاسعة والخمسين للاستقلال الوطني، والتي احتفت بها موريتانيا، يوم الخميس الماضي (28 نوفمبر)، لها دون شك طعم خاص هذه السنة، بالنسبة لجل الموريتانيين الذين قرأوا فيها
لقد عاد. ومع ذلك، لم نشتق إليه كثيرا. فضل ولد عبد العزيز تقصير نفيه الطوعي ليغوص من جديد في حوض التماسيح. ولكن لم يكن أحد يتخيل أنه سينحط إلى هذا المستوى. نعلم أنه أُجبر على التخلي عن السلطة رغم أنفه، وهو يشعر بالمرارة والانتقام والاستياء. غير أننا اعتقدنا أنه يتمتع بالحد الأدنى من التمييز حتى لا يحاول إغراء الشيطان.
رجاءً، لا تجازف بِوَطن هش : على جنَباته عصابات وحركات وقنابل وأزيز ومفرقعات.. داخله فئات غاضبة، وأعراق هائجة، وطبقات باكية، وجروح تاريخية لم تندمل بعد.. وهناك، في بئر بلا قاع، غاز أسال كل لُعاب.