
فكرة ذكية لاستغلال المشترك في بناء،جسور تواصل واندماج ..تحاول السودان الخروج وبصعوبة من أزمة صراع عسكري على السلطة تخللته أعمال قتل ونهب وسلب ولجوء،ووصلت فيه البلاد إلى حافة الانهيار والتقسيم حيث غذت بعض الدول سامحها الله ذلك الصراع وكانت تمد الأطراف المتناحرة بالسلاح ليقتل الأخ أخاه ويسلبه الحق في العيش المشترك, الدور الموريتاني رغم البعد الجغرافي وتواضع الإمكانات وتلغيم الأجواء ظل محافظا على مسافة للتحرك والقبول وكان مسايرا للجهود الإقليمية والدولية؛بالقدر الذي جعله يستغل الرئاسة الدورية للاتحاد الافريقي لتحريك الراكد من المساعي الهادفة للمصالحة عبر آليات الاتحاد والتنسيق مع مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد السوداني؛ واذا كانت موريتانيا متضررة من تأثيرات الصراع في السودان اقتصاديا فإنها حاولت مرارا عدم الانجرار،خلف أي طرف فقد بقيت الشركات السودانية الموريتانية تعمل دون انقطاع بل استقبلت موريتانيا المزيد من السودانيين الراغبين في الاستثمار في الذهب السطحي واستضافت أكبر ناديين في كرة القدم هما المريخ والهلال للمشاركة في الدوري الموريتاني واستقبال خصومهما على الملاعب الموريتانية
موريتانيا اليوم وهي ترى بعض الانفراج في السودان مع سيطرة الجيش على جل المناطق؛ وتغير مواقف الكثير من الدول اتجاه مجلس السيادة الحاكم في السودان تجد متنفسا لاستغلال هذا الوضع كي يعود السودان إلى وضعه الطبيعي،وتكون موريتانيا ضمن أوائل الدول التى تستفيد وتفيد السودان؛ والأرجح أننا سنرى في قادم الأيام دورا لا يستهان به لتقريب وجهات النظر بين الحكم في السودان وبعض الدول العربية التى كانت تدعم طرفا آخر في الصراع بالسلاح خاصة وأن ذلك الطرف ضاقت مساحات تحركه وقلت قطع الدومينو التى كانت بين يديه؛فربما نشهد جسرا للهوة بين الخرطوم والرياض وابوظبي وغيرهما مثلا .
ستيتفيد موريتانيا أيضا من خلال لعب دور تنقية الأجواء بين الحكم في السودان وبعض دول الساحل خاصة اتشاد والنيجر والسنغال وبناء،محاور تنسيق وتعاون وتبادل بين الساحل والصحراء لمنع التهديدات التى تكشر عن أنيابها في المنطقة والخشية من عودة التنظيمات المسلحة إلى المسرح
يمكن لموريتاتيا أن تحمل البريد بين الولايات المتحدة وفرنسا وبعض الدول الاوروبية من جهة والخرطوم من جهة أخرى للعودة في تقييم العلاقات إلى مستوى من التعامل مع الأمر الواقع
السودان سيحصل على شهادة خبرة من موريتانيا خاصة في مجال التهدئة والحوار بين الأطراف غير المتناغمة فكثيرا ما كان السودانيون حريصين على استنبات التجربة الموريتانية منذ انشاء المجلس الأعلى الديمقراطية وما تبعه من تجارب تضع للواقع القائم حصته من المقاربة السياسية والأمنية للشركة والعدالة ومعلوم مستوى التشابه حد التماهي بين الفيسفساء في البلدين وحاجة كل منهما للحفاظ على وجوده وسط محيط مضطرب ولا يريد لهما البقاء،
السينغال أيضا ..
نواكشوط استضافت في الوقت نفسه ضيفا لا يقل وزنا عن البرهان وهو الوزير الأول السينغالي الجار التوأم وسط مراسيم حفاوة لا تقل أهمية الأمر الذي يفسر حسب اعتقادي ذكاء،سياسيا وروح مبادرة ربما كانت مفقودة في تخطيط الوزراء الأول من قبل الأخ المختار ولد أجاي الذي بالمناسبة لا أعرفه ولم يحصل لي لقاء به ولا أراه إلا من مسافة الصحافي الطبيعي من المسؤول لكنني أرى فيه ديناميكية غير معهودة هل هي نتاج مبادرة منه وسرعة بديهة ام بتوجيه من رئيس الجمهورية..الله اعلم
المهم بالنسبة لي هو متابعة وملاحظة ما يدور من عمل ومحاولة قراءة المشهد كما ظهر لي
السينغال عمق موريتاني استراتيجي بل إن موريتانيا والسنغال شعب واحد في دولتين فرقت بينهما حدود جغرافية وشريط مائي قصير لكن ثروتهما الروحية والثقافية والدينية تنبع من مورد واحد وكذا ثروتهما الطبيعية وإن المبادرة باستغلال هذه الوضعية لتأسيس شراكة قوية تعد ذكاء سياسيا وحصافة فريدة فبدل أن نترك الفجوة ليلعب بها الغير علينا أن نملا الفراغ في زمن من السهل أن يتحول فيه الفراغ إلى شحنة تدمير لا تبقي ولا تذر بسبب الاستغلال السيء للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي
إن كثيرا من البحارة أو على الأصح القراصنة في هذا الفضاء الافتراضي يمتطون صفحات شبكات التواصل الاجتماعي لدق اسفين وتحويل الأنظار عن الأمور الإيجابية بحثا عن مغانم شخصية ولا يهتمون بعد ذلك بما قد تنجم عنه جهود التتفيه والتسفيه وإن أكبر خطر هذه الأيام على السلم الاجتماعي والعلاقات بين الدول هو ترك المجال لأنصاف المتعلمين الذين يمتشقون الهواتف والحواسيب وما عجزت عنه أناملهم يبثونه عبر شاشات الهاتف فينشرون الشك وربما ساعدهم في ذلك بعض الشطط وبقايا فساد ماتزال تلقي بظلالها وتثير في النفس الشعور بالغبن وغياب العدالة
لقد كانت فكرة استدراج السنغال في هذه الظرفية التى تتميز باستغلال حقول الغاز المشتركة قطعا للطريق أمام محاولات التشويش على الانسجام والتناغم المطلوب في هذه المرحلة وقد كانت الوزارة الأولى موفقة إلى حد كبير في تحقيق السبق فيها
نرجو أن تؤسس هذه الزيارة لعهد من التعاون والتبادل بين الجارتين لا يترك اي ثغرة يمكن للعدو الدخول منها وان تنجحا اي موريتانيا والسنغال في الإبتعاد بمصالحهما المشتركة عن مظان التوظيف المغرض وان يعملا لمصلحة شعبيهما بكل وطنية واخلاص .