"الصين وموريتانيا يداً بيد في مكافحة الوباء"
في يوم 31 مارس، نشرت الجريدة الرسمية لموريتاينا" جريدة الشعب "مقال لسعادة السفير الصيني السيد جانغ جين قوه تحت عنوان
"الصين وموريتانيا يداً بيد في مكافحة الوباء" النص الكامل للمقال كما يلي:
قام الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني فخامة الرئيس الصيني السيد شي جين بييغ بزيارة تفقدية لمدينة ووهان، مركز تفشي فيروس كورونا يوم الثلاثاء 10 مارس، واستأنفت المدينة خدمة المواصلات العامة منذ 25 مارس،وهذا ما بات يعكس تحقيق بعد شهرين من الجهود الجبارة وقف انتشار فيروس داخل الصين،وتحسن الوضع على نحو مستمر،وتسريع وتيرة إعادة عملية الإنتاج وعودة الناس إلى حياتهم الطبيعية وقد أحرزت الصين انتصارا مرحليا في المعركة ضد الفيروس،مما يكسب وقتا قيما للعالم كله في مكافحة الوباء المتفشي.
الحكومة الصينية منذ البداية اتخذت الكثير من الإجراءات الاحترازية الفعالة في حرب السباق مع الزمن هذه، التي لا دخان لها، و يطيب لي اليوم أن أتقاسم مع أصدقائي الموريتانيين النقاط الرئيسية للتجربة الصينية الناجحة في مكافة فيروس كورونا المستتجد، وهي كالتالي:
أولا-: القيادة المركزية والموحدة للحزب الشيوعي الصيني
منذ تفشي الوباء يقوم الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني السيد شي جينبينغ شخصيا بالتخطيط وتوجيه الأعمال، وقد أصدر سلسلة من التعليمات الهامة، و ترأس حتى الآن 8 اجتماعات للجنة الدائمة للمكتب السياسي، هذا بالإضافة إلى تشكيل خلية قيادية للاستجابة لتحديات الوباء داخل اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني برئاسة رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ، ونائب رئيس مجلس الدولة السيدة سون تشون، التي أشرفت بنفسهاعلى أعمال الوقاية والتحكم في انتشار الوباء في إقليم هوبي، كما تم تشكيل نظام الوقاية المشتركةوالسيطرة المشتركة على مستوى مجلس الدولة، ونفذ لجان الحزب والمسؤولون الحكوميون على جميع المستويات بفعالية عالية جميع الترتيبات وقرارات اللجنة المركزية، ولعب 90 مليون عضو للحزب الشيوعي الصيني دورا طلائعيا في الحرب ضد الفيروس، مما مكننافي فترة وجيزة من إنشاء، وعلى أسس علمية نظام القيادة الأكثر فعالية، و وضعنا التدابير الوقائية الشاملة الأكثر صرامة، حيث القيادة الموحدة، والتنسيق الموحد، والتوزيع الموحد، وهذا ما جعل البلاد كلها تقف وقفة رجل واحد مشكلة قوة جماعية ضخمة متمثلة في القيام بالوقاية المشتركة والسيطرة المشتركة.
ثانيا-: تركيز الجهود على المهمة العظيمة
توجه إلى إقليم هوبي لدعمه في الحرب ضد الوباء 330 فريقا طبيا بما مجموعه حولي 42 ألف عامل صحي قادمين من 19 إقليما صينيا، كما هرع أكثر من 4000 جندي من جيش التحرير الشعبي الصيني إلى الخطوط الأمامية ببؤرة الوباء، وتم بناء و تدشين مستشفيين متخصصين كبيرين بطاقة استعابية تصل إلى 2500 سرير في غضون 10 أيام، وتم تركيب 16 مستشفى متحرك ميداني مؤقت.
هذه الأرقام غير العادية المذكورة أعلاه تظهر مدى سرعة الصين، و مدى حجم قدرتها، وفعاليتها، وتظهر أكثر مزايا نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية المتمثلة في القدرة على تركيز الجهود، والسرعة في أداء المهام الجسام وبفعالية.
ثالثا-: الشعب رأس الحربة في مواجهة الوباء
شكل الشعب الصيني البالغ حوالي 1.4 مليار نسمة السند الصلب الذي يقف في السراء والضراء مع الحكومة، وهب هبة رجل واحد،وعلى رأسه الطواقم الطبية اللذين خاطروا بحياتهم في الخطوط الأمامية للحرب ضد الفيروس، وقدم 14 مليون شخص سكان مدينة ووهان التضحيات الجسام خلال إغلاقها لأكثر من شهرين،وفي نفس الوقت طالبت الحكومة الصينية باستقبال وعلاج المرضى إلى أقصىى الحدود الممكنة،وانتهجت سياسة تعويض تكاليف العلاج من قبل التأمين وخزينة الدولة، مما أدى إلى تقليص نسبة الوفيات، ورفع من نسبة التعافي إلى أقصى حد هذا من جهة، ومن جهة أخرى تم ارسال كمية هائلة من الخضراوات والفواكه، والمواد الغذائية، والمستلزمات الطبية من مختلف مناطق البلاد إلى إقليم هوبي وعاصمته ووهان، وذلك من أجل ضمان التموين واستقرار الأسعار استجابة لحاجات السكان المحليين، وتم الحفاظ على الاستقرار والسكينة العامة في جميع أرجاء البلاد،بالإضافة إلى بقاء عمل الإدارات الحكومية بشكل منتظم مع مسائلة ومحاسبة صارمة للمسؤولين على تقاعسهم عن العمل.
رابعا-: قاعدة صلبة اقتصادية وتكنولوجية
تمتلك الصين أكبر وأشمل منظومة صناعية في العالم، مما ضمن الإنتاج والنقل والتوزيع واسع النطاق للمواد الأساسية المختلفة أثناء فترة الوباء، ويبلغ إجمالي حجم الإنتاج اليومي للكمامات في الصين 100 مليون قطعة، بالإضافة إلى ذلك، نجح العلماء الصينيون في التوصل إلى التسلسل الجيني للفيروس في غضون خمسة أيام، وبعد 60 يوما فقط من ذلك دخل اللقاح المكتشف إلى مرحلة التجارب السريرية بعد اعتماده من الهيئة الخاصة، وقد تم حتى الآن نشر7 نسخ من خطة التشخيص والعلاج الصينية،وتمت السيطرة على الوباء في غضون 50 يوما.
خامسا-: التطبيق الحرفي لتوصيات الخبراء
لعب الخبراء الصينيون في مجال الصحة دورا هاما،وعلى سبيل المثال لا للحصر السيد تشونغ نانشان، أخصائي الجهاز التنفسي الشهير وأكاديمي للأكاديمية الصينية للهندسة، الذي يعتبر أول من أكد إنتقال الفيروس من شخص إلى آخر، يعتقد هذا العالم أن الطريقة الأكثر فعالية للوقاية من الوباء والسيطرة عليه هي الكشف المبكر، والعزل المبكر،والتشخيص المبكر، والعلاج المبكر، بالإضافة إلى إلتزام الأفراد بالمبادئ الثمانية، ألا وهي: غسل اليدين بشكل متكرر، وارتداء الكمامة في أغلب الأوقات، والتقليل من التجمعات، وفتح النوافذ للتهوية، وعدم تناول الحيوانات البرية، وطهي الطعام جيدا، واللجوء إلى الطبيب في الوقت المناسب، وعدم الهلع والخوف.
ويرجع انتشار الوباء في الآونة الأخيرة في معظم الدول الغربية إلى الفشل في اتخاذ التدابير الحاسمة في الوقت المناسب، وانتشار بعض العادات السيئة بالمجتمع مثل العزوف عن إرتداء الكمامات،ويتبع العديد من أصدقائنا الأفارقة عادات سيئة لا تساعد على الحد من انتشار الفيروس مثل مشاركة كؤوس الشاي.
وقد حظيت الصين حكومة وشعبا بالدعم والمساعدات القيمة من المجتمع الدولي في حربها ضد الفيروس، حيث أعرب قادة أكثر من 170 دولة، ورؤساء أكثر من 40 منظمة دولية وإقليمية عن تضامنهم مع الصين، وتبرعت 79 دولة، و10 منظمات دولية، ومنظمات المجتمع المدني من مختلف دول العالم بالمستلزمات الطبية، والصين لن تنسى هذا الجميل أبدا.
في الآونة الأخيرة، ورغم تحسن الوضع الوبائي في الصين إلا أن مناطق أخرى عديدة من العالم تشهد تفشيا للفيروس على نطاق واسع، وهذا ما بات يشكل تحديات خطيرة على أرواح الناس، والصحة العالمية خاصة أن الفيروس لا يعترف بالحدود، ولايفرق بين الأعراق،والوباء عدو مشترك لدول العالم كلها ولا يمكن للبشرية جمعاء كسب الانتصار على الوباء إلا من خلال تعزيز التعاون الدولي.
كانت وستظل الصين تتمسك بمفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتتبنى موقف الانفتاح، والشفافية والمسؤولية، وحافظت على الاتصال والتنسيق الوثيقين مع منظمة الصحة العالمية، والمجتمع الدولي، وفي الوهلة الأولى قامت بمشاركة التسلسل الجيني للفيروس، وأحدث طرق التشخيص والعلاج مع العالم، وحاليا تشارك في التعاون الدولي حول العلاج السريري ودراسة وتطوير العلاج ،وقد أعلنت الصين عن تقديم مستلزمات طبية لمواجهة الفيروس إلى 89 دولة،والاتحاد الإفريقي،والاتحاد الأوروبي، ورابطة الآسيان، وقد تم تسليم غالبة هذه المستلزمات، كما أرسلت الصين فرق طبية إلى كل من إيران، والعراق، وإيطاليا وصربيا وكمبوديا وباكستان، ونظمت إجتماعات عبر الفيديو مع الخبراء في مجال الصحة من الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، ورابطة الآسيان، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها من المنظمات الدولية، وبعض دول العالم،وبالإضافة إلى ذلك، قدمت الصين تبرعا بمبلغ 20 مليون دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية و12 ألف كاشف لفيروس كورونا للمركزالافريقي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، وساعدت الدول الصديقة على اقتناء المستلزمات الطبية في سوق الصين، كما تبرعت المؤسسات الصينية بالأموال،والمستلزمات الطبية لدول العالم المختلفة على سبيل المثال قدمت مجموعة علي بابا للتجارة الالكترونية الصينية تبرعات لصالح 54 دولة إفريقية من ضمنها موريتانيا بعدد 5.4 مليون كمامة، و1.08 مليون كاشف لفيروس كورونا، و40 ألف بدلة حماية طبية،و60 ألف قناع واق، بالإضافة إلى تنظيم التدريب عن بعد للمؤسسات الطبية من مختلف دول إفريقيا حول العلاج السريري للمرضى بسبب فيروس كورونا، الخطوة الصينية أعلاه لقيت إشادة وترحيبا حارا من المجتمع الدولي.وقبل أيام،حضر الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة استثنائية "افتراضية" لمجموعة العشرين طرح فيها أربع نقاط من الاقتراحات بموضوع تعزيزالتعاون العالمي والتضامن الدولي في مواجهة فيروس كورون االجديد،بما يحظى بالإشادة العالية والترحيب الحار من المجتمع الدولي.
بعد تفشي الوباء في الصين، و في الوهلة الأولى وجه فخامة الرئيس الموريتاني السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ورئيس الجمعية الوطنية الموريتانية السيد الشيخ ولد بايه، وغيرهم من كبار المسؤولين الموريتانيين رسائل التضامن والتعاطف مع الصين، وقامت بعض منظمات المجتمع المدني،والموريتانيون أصدقاء الصين بتقديم تبرعات كريمة، بل إن بعضهم اتجه مباشرة إلى مقر السفارة للتعبير عن التضامن ودعم الصين في مواجهة الوباء، وهو ما يجسد المثل الشهير لدى الأمتين الصينية والعربية "الصديق وقت الضيق"، ويوضح بجلاء عمق الصداقة الثنائية التقليدية بين الشعبين الموريتاني والصيني، وأغتنم هذه الفرصة للتعبير نيابة عن الصين حكومة وشعبا عن تشكراتنا القلبية إلى موريتانيا الصديقة.
ولمواجهة الوباء وتحت القيادة الحكيمة لفخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني اتخذت الحكومة الموريتانية سلسلة من الإجراءات الاحترازية القاطعة والعملية والفعالة التي ساهمت في قطع مصدرعدوى، والحد من انتشارالفيروس ،وضمان تموين المواد الأساسية واستقرار أسعارها، كما اتسم المواطنون الموريتانيون باليقظة والهدوء،والالتزام بقرارات الحكومة، وحافظ المجتمع على الاستقرار والسكينة، ولغاية الآن سجلت فقط 5 حالات إصابة مؤكدة داخل موريتانيا، ولذلك موريتانيا أصبحت نموذجا للدول الإقليمية من حيث العزيمة القوية، والتدابيرالاحترازية، ويشيد الجانب الصيني بذلك، ويطالب المؤسسات، والجالية الصينية بالالتزام التام الصارم بقرارات الحكومة الموريتانية والتعاون معها.
تدعم الصين بقوة جهود موريتانيا المتبعة للوقاية من الوباء ومكافحته، وقد زودتها بآخر خطة صينية للتشخيص والعلاج،وفي يوم 26 مارس تم عقد اجتماع عبرالفيديو بين خبراء الصينيين ونظرائهم من 16 دولة في غرب آسياوشمال افريقيا بما فيها موريتانيا لتبادل المعلومات ومشاركة التجارب حول العلاج من الفيروس ،قد وصلت المستلزمات الطبية المدعومة من مجموعة عالى بابا إلى موريتانيا يوم سبت الماضي وتشمل 100 ألف كمامة و1000 بدلة حماية طبية و 20 ألف كاشف للتشخيص،وترأست حفل التسليم مع الجانب الموريتاني في المطار،علاوة على ذلك، ستجمع الصين المستلزمات الطبية، وتتجاوز صعوبة النقل لكي توصل الدعم إلى موريتانيا في أسرع وقت ممكن.
وفي إطار آخر، و بدعم قوي من الإدارات ذات الصلة في الصين وموريتانيا، عملت الشركة الصينية بجد لتسريع استكمال مشروع جناح الأمراض المعدية التابع للمشتشفى الوطني، ومشروع صيانة مستشفى الصداقة،وسأوقع اليوم مع معالي وزير الصحة السيد محمد نذيرحامد شهادة التسليم لهذين المشروعين.
بالنسبة للمشروع الأول، بدأت الأعمال فيه أغسطس 2018 بقمة تقدر بحوالي 76 مليون وان صيني(ما يعادل 10.86 مليون دولار أمريكي).،و يغطي مساحة 7300 متر مربع، بإجمالي 50 سريرًا مع تصميم راقي،ومعدات من الدرجة الأولى، ويهدف إلى ملئ الفراغ لدى موريتانيا في مجال الوقاية والسيطرة على الأمراض المعدية،أما المشروع الثاني، فهو يعتبر أحد أكبر المستشفيات العامة الشاملة، ويقدم خدمات لحوالي 60% من سكان العاصمة نواكشوط، وقد بدأ العمل فيه يوليو 2018 بقمة تقدر بحوالي 44.76 مليون يوان صيني(ما يعادل 6.4 مليون دولار أمريكي).
وفي هذه الظرفية الزمنية الحرجة التي يكافح فيها العالم الوباء، سيلعب المشروعان المذكوران أعلاه دورًا لا غنى عنه في الرفع من قدرة المنظومة الصحية الموريتانية على استقال المرضى وعلاجهم، وأنا على يقين بأن موريتانيا حكومة وشعبا تحت قيادة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وبدعم من المجتمع الدولي بما فيها الصين ستكون قادرة على تجاوز محنة الفيروس في أسرع وقت ممكن، وستبقى الصين تقف إلى جانب موريتانيا دائما وأبدا، ولنعمل معا لمجتمع الدولي على بناء مجتمع الصحة للبشرية وكسب الانتصار في حرب العالم ضد الفيروس.