في ذكرى مولاي الحسن بن المختار الحسن /الحسين ولد محنض

خميس, 01/05/2025 - 11:10

في ذكرى رحيل مولاي الحسن بن المختار الحسن..

أبقيتَ بعدك يا مــــــولاينا الحسنا     
لمّا ترحلت عــــــــــنا ذكرك الحسنا

في مثل هذه الأيام قبل 14 سنة رحل فجأة أحد رجال الرعيل الأول المؤسس للبلاد والدنا السفير والدبلوماسي ورجل الأعمال والأخلاق والقيم الوطنية والثقافة الشريف مولاي الحسن بن المختار الحسن السباعي.. 

وقد أحببت اليوم أن أحيي ذكراه بعدما كادت تنسى لأنه -فضلا عن دوره السياسي والدبلوماسي الهام في فترة الحقبة الأولى للدولة الموريتانية، الذي أتركه للمؤرخين- كان قدوة في كثير من الفضائل والقيم يجب أن تعرفها الأجيال اللاحقة لعلها تقتدي بها، فالأجيال إذا فقدت القدوات ضاعت.. وقد كان رجلا بارزا، وطنيا، دينا، سخيا منفقا،  مثقفا، محبا للثقافة والعلم وأهلهما.. 

في التسعينات عندما مرض والدي الشيخ بن محنض وسافر إلى المغرب للعلاج، قال الأطباء إنه يحتاج للبقاء على قيد الحياة إلى جهاز لتنظيم ضربات القلب لم يكن حينها متوفرا لدى المستشفيات، وكان في ذلك العهد غاليا جدا بالملايين، فأرسل والدي إلى مولاي الحسن وكان صديقه ليسلفه ثمنه، فرد مولاي الحسن بأن ثمن الجهاز ومبلغا آخر معه  ليس سلفا وإنما عطاء سيستمر ما بقي الشيخ بن محنض في المستشفى حتى يبرأ، يد من أياديه البيضاء التي طوقنا بها لا ننساها له أبدا...

وفي أخريات سنواته، عندما علم بإنجاز أخينا العالم الباحث الدكتور يحيى بن البراء لموسوعة الفتاوي الكبرى عرض عليه -كرما منه وحبا في الخير وخدمة العلم- تمويل طبعتها التمهيدية، فطبعها على نفقته الشخصية كتب الله تعالى له أجرها، حيث لا يخلو عمل فقهي في المذهب المالكي في جميع أنحاء العالم اليوم من الرجوع إلى هذه الموسوعة التي ازدادت بالضعف بعد رحيل مولاي الحسن، وأجر كل ذلك في ميزان حسناته.. 

عندما رحل الشريف مولاي الحسن ولد المختار الحسن في أواخر إبريل 2011 رثيته بهذه المرثية التي أعيدها اليوم بعد أن كاد ينساه الكثيرون، ولست منهم:
 
((أبقيتَ بعدك يا مــــــولاينا الحسنا     
لمّا ترحلت عــــــــــنا ذكرك الحسنا

من كل فعل له رائيــــــــه أظهره      
لنا وقول بـــــــــــــــــه راويه حدثنا

يثني عليــــك على وجه الرثاء به      
من كان بالأمس يتلوه عليـــــــك ثَنا

لم يخلُ منه لســــــــان ظل ناطقه      
يُدمى به العين أو يُشــــجي به الأذنا

مِن قائلٍ كان ذا فضل وذا صلـة        
وقائل كان مـــــــــــــــأمونا ومؤتمَنا

وقائلٍ هاهنا آثار نعمـــــــــــــــته      
على المُعيل الذي قد كان أمس هنا

وقائلٍ كان يأتيـــــــــنا على عجل      
بما نسد به في الحــــــــــــــال خَلتنا

وقائلٍ كان يعطي القوم مستتِــــرا      
أضعاف مـــــا كان يعطي مثلَه علنا

صلـَّت عليكَ ألوف ليـــس يجمعها      
إلا أسى عزََ منهم صبــــــره وضنى

وكم بكاك فقيـــــــــر لست تعرفه       
كانت عطـــــــاياك تُجبى نحوه زمنا

فارقتنا غير مملولٍ وقد مُلئــــــت      
منك القلوب التي واسيتـــــــها حَزنا

يبكي عليك بلا أهــــــل ولا وطن      
من كان يعرف فيــك الأهل والوطنا

أو كنت تسعى إلى تحقيق حاجتـه      
أو نيلِه رغبــــــــــــــاتٍ عنده ومُنى

أو كنتَ تلقاه مبسوطَ الجبين وممـــــ
ـــدودَ اليدين وفي الوجه البشـــوش سَنا

أو كنتَ تحبوه بالمال الكثير جدًى      
ولم تكن أبدا بالمــــــــــــــــال مفتتنا

وكنتَ تبذل منه مـــــــا  يزول به      
فقر الفقير ويــــــــــزداد الغنيُّ غِنى

لم تشهد الزور أو تشهد لقــــائله       
لم تعرف الحقــد والأضغان والإحنا

ولم تكن من قرنــاء السوء مقتربا      
ولم تكن تستبيـــــــــــح اللهو والدَّدَنا

وكنتَ أحرصَ من نلقى على صلة     
موصــــــــولة وأقام الفرض والسننا

وكنت للدين حصــــنا لا يضام له      
ركن وممن إلى نيــــــــل العلوم رَنا

وعشتَ طاهر عِرض كنت تحفظه     
حفظ المحاذر من أن يحمــــل الدَّرنا

وكنتَ في الفضل معْنًا نجل زائدة      
جودا  وفي المجد سيفًا نجل ذي يزَنا

مِن عصبة شرف المولى مكانتهم      
وساد من نجلـــــــــــوه البدو والمدنا

جازاك عن برك الرحمنُ مكرمةً       
ونلت مــــــــن جنة المأوى به سكنا

وبارك الله في الأهليــــن أجمعِهم       
وألهم الصبر من منــــــهم نأى ودنا)).

الحسين بن محنض