أدى الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، زوال اليوم الخميس، اليمين الدستورية كرئيس لموريتانيا في مأمورية ثانية تمتد لخمس سنوات، بعد إعادة انتخابه في الانتخابات التي جرت نهاية يونيو الماضي.
حفل التنصيب الذي احتضنه قصر المؤتمرات "المرابطون"؛ جرى بحضور عدد من رؤساء الدول الإفريقية، بينهم السنغالي بصيرو ديوماي فاي والبيساو غيني عمارو سيسكو أمبالو والغامبي آدما بارو والتشادي محمد ديبي إتنو.
ومن بين الحضور رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش والوزير الأول الجزائري نذير العرباوي، رئيس وزراء النيجر علي محمد الأمين الزين، وزير الدفاع المالي العقيد صايدو كامار، إضافة لعشرات المدعويين.
وعبر رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في كلمته بعد تأديته اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية، لمأمورية ثانية مدتها خمس سنوات، عن أهمية هذا الحدث المفصلي في تجدد دورة الحياة الديمقراطية في البلاد؛ شاكرا رؤساء الدول والحكومات والوفود القادمة من دول شقيقة وصديقة، و ما تعبر عنه مشاركتها من معاني التشبث بتوطيد ما يجمعنا معهم من علاقات أخوة وصداقة وتعاون متنوعة وعريقة.
كما عبر فخامة رئيس الجمهورية عن شكره وتهنئته للشعب الموريتاني صانع هذا الحدث المتميز ، على الثقة التي منحها له عبر انتخابات طبعتها الشفافية والسلاسة على نحو أكد نضج تجربة البلاد الديمقراطية وتشبث المواطنين بدولة القانون والمؤسسات.
وأكد فخامة رئيس الجمهورية أنه رئيس لكل الموريتانيين، مهما اختلفت رؤاهم، وتباينت مواقفهم، منوها بمهنية وكفاءة الهيئات المعنية بالانتخابات، مشيدا في الآن ذاته، بالدور البناء الذي لعبته القوى الحية في مجتمعنا والأحزاب السياسية والمجتمع المدني وقادة الرأي، في ضمان سلاسة ونزاهة هذا الاستحقاق الرئاسي، مشيدا بالمرشحين لهذه الانتخابات على ما أسهموا به من دور في التنظيم الجيد لهذه الاستحقاقات، وعلى مشاركتهم في الرفع من مستوى النقاش وفي تنويع الخيارات المتاحة للمواطنين.
كما عبر فخامة رئيس الجمهورية عن اعتزازه وامتنانه لما حظي به من الثقة والدعم والمواكبة طوال المأمورية المنصرمة التي شهدت، إرساء دعائم جسر العبور الآمن بالبلد إلى مستقبل أفضل من خلال ما تم تحقيقه من إنجازات أحس المواطن أثرها الإيجابي في حياته اليومية على مختلف الأصعدة، كالأمن والاستقرار، وصون الوحدة الوطنية، وتهدئة الحياة السياسية، ومكافحة الفقر والغبن والإقصاء، ودعم الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة، وتحسين النفاذ إلى الخدمات الأساسية، والتأسيس للمدرسة الجمهورية، وتعزيز البنى التحتية، والعمل على تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات الإنتاجية، والتأسيس إجمالا لتنمية مستدامة شاملة، مؤكدا أن تعزيز هذه المكتسبات، والتأسيس عليها لبناء الدولة التي يطمح لها الجميع، ليوجب الإسراع في تنفيذ البرنامج الذي زكاه الشعب، فصار بذلك في قوة العقد الانتخابي، مضيفا أن هذا البرنامج لا يمثل له مجرد وثيقة أعدت لغرض الدعاية الانتخابية بل هو عقد وعهد لن يدخر جهدا للوفاء بما تضمنه من التزامات.
ودعا فخامة رئيس الجمهورية الأحزاب السياسية وقادة الرأي والمجتمع المدني وكافة القوى الحية إلى تضافر الجهود في سبيل المشاركة في التنفيذ المحكم والناجع لهذا البرنامج بما يضمن تحقيق كل أهدافه ومقاصده، مضيفا أنه سيمنح الأولوية لضمان الأمن والاستقرار لما يمثله ذلك كأساس وشرط لا غنى عنهما لإنجاز أي برنامج تنموي، وستتم تعبئة كل الجهود والموارد من أجل التنفيذ المحكم لمختلف جوانب الاستراتيجية الأمنية المندمجة، والوقوف بكل حزم وقوة في وجه كل ما من شأنه أن يخل بأمن واستقرار البلد، وأنه سيعمل باستمرار على توطيد الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية من خلال التصدي لكل أسباب الفرقة وعدم الانسجام التي تتغذى من صور نمطية زائفة كالتراتبية الوهمية المقيتة، والتعصب القبلي والشرائحي الجاهلي، ومن خلال السعي إلى تكريس مساواة الجميع في الكرامة والحقوق والواجبات، وإلى توزيع أكثر عدالة للثروة وللفرص.
وأضاف فخامة رئيس الجمهورية أن اللحمة الاجتماعية، والوحدة الوطنية، هما السد المنيع والحصن الحصين في وجه كل التحديات، ولن يتم قبول المساس بهما تحت أي ظرف، ومخطئ من يعتقد كائنا من كان، أن بإمكانه بأي وجه من الوجوه وتحت أي يافطة، أن ينال من وحدتنا ولحمتنا الاجتماعية.
وقال رئيس الجمهورية إنه أكد مرارا أن هذه المأمورية ستكون بالشباب وللشباب، وأنه يجدد التأكيد على ذلك، مضيفا أن من ضمن الكثير مما ينوي القيام به سيتم إنشاء جهاز إداري مدعوم بالإمكانيات الضرورية والصلاحيات الواسعة، يعنى بمعالجة قضايا الشباب بكل أبعادها، وكذلك على إنشاء آلية لتنظيم خدمة تطوعية مدنية، تساهم في التأطير والتكوين وغرس قيم التآخي والمواطنة، معتبرا أن الحرب على الفساد ستكون حربا مصيرية لا هوادة فيها، وأن السياسات ستندرج في مجال محاربة الفساد ضمن استراتيجية أشمل لإصلاح الإدارة وعصرنتها وتقريبها من المواطن وتحسين خدماتها، معبرا عن إدراكه لما تتطلبه الإصلاحات العميقة من تغيير في المقاربات، والعقليات، والمسلكيات، وآليات العمل، غالبا ما يصطدم بمقاومة اجتماعية وإدارية قوية، ونحن مطالبون جميعا بالعمل على منع هذه المقاومة من كبح ديناميكية الإصلاح أو إعاقتها عن تحقيق أهدافها.
وقال رئيس الجمهورية إنه سيستمر في دعم برامج ومشاريع شبكة الأمان الاجتماعي للتحسين من جودتها ومن معايير استهدافها ولتعزيز تنوعها وشمولها، كإحدى دعائم الحرب ضد الفقر والغبن والإقصاء. وسيتم وضع تأهيل وترقية رأس المال البشري على سلم الأولويات في المرحلة المقبلة، كما سيتواصل مشروع المدرسة الجمهورية، ودعم المنظومة التعليمية، بتوسيع العرض، ورفع نسب النفاذ، وتحسين القدرة الاستيعابية، والعمل على تنويع وتوسيع عرض التكوين المهني والجامعي، وسيتم العمل على أن تتحسن بنحو ملحوظ نوعية ونسب النفاذ إلى الخدمات العمومية الأساسية من ماء، وكهرباء، وتغطية صحية، كما سنحارب التضخم والغلاء، ونعمل على كل ما يساعد على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، مضيفا أنه سيواصل في تعزيز النظام الديمقراطي بالعمل على ترسيخ مبدإ فصل السلطات وتعزيز استقلاليتها وتوطيد انسجام عمل المؤسسات الدستورية، وكذلك بالتحسين المستمر لقدرات وآليات عمل الهيئات المشرفة على الانتخابات، وسيظل متمسكا بمبدأ الانفتاح، والتهدئة السياسية والتشاور والنقاش واليد الممدودة على الدوام، لكافة مكونات الطيف السياسي لراسخ قناعته بأن ذلك هو النهج القويم في تدبير الشأن العام.
وأكد فخامة رئيس الجمهورية أنه سيسعى لتنظيم حوار جامع للطيف السياسي عنوانا بارزا في البرنامج الانتخابي، مضيفا أنه سيستمر على المستوى الخارجي في اعتماد دبلوماسية نشطة، قائمة على مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، والتعاون البناء، والتمسك بقيم السلم والأمن والإخاء بين شعوب العالم.