
حكاية حجر /مولهة بظلها الأزلي .ورمقها الأخير .ودم الإقحوان الذبيح. تغازلها شمس الروابي. وأخفاف هجن الراحلين.. تعب من صخب الذكريات المترعة بأمجاد الماضي السحيق. غير آبهة بتلاوين الغياب. هامسة في أذن الخفاء. أن ترفق بالمثقلة خطاهم الصائمين الدهر والعافين عن الناس..
تجكجة أو الهضبة وإن بدت في
بعض الأحيان سافرة الرأس. خالية الوفاض. ترهقها ذلة .لا قلوب أبنائها إليها مفضية. إلا أنها شمس لاتغيب .مهما ترامت على كاهلها الخطوب. مستعصية على الفهم لسذج العابرين. محاصرة لاتركع مهمشة .لاتنحني رغم البطئ. لا تتوقف ورغم الواقع تسير قابضة هي على جمر العزة والكرامة.
ظهيرها في ذلك جنود مجهولين. أوقفوا المهج لقصة عشق لاتنقضي .وجراح التاريخ الصامتة الصارخة الذاوية في محراب الحب والجمال .
حباها الله بموقع جغرافي أبدعته قدرة قادر مقتدر, فبأنامل الطبيعة الساحرة وفوضويتها الجميلة, رسمت تعرجات البطحاء قلبا لتجكجة الفاتنة: جزيرة الواسطة ..هذا الموقع المتميز , و المهمل والمنسي لفترة طويلة من طرف أبناء المدينة والإدارة على حد سوى.. حتى ظن الجميع أن تجكجة لم تعد سوى تلك المتوقفة دون الغروب. تندب حظها العاثر .وتنثني حسرة و حزنا على ضياع زمن الرجال..
فقيض لها الله من أبنائها من يجددون خطوها. ويحيون بالمشاريع الكبرى مواتها. على بساطة هؤلاء الجنود بالفعل كان العمل أكثر من رائع. فبثيابهم البالية وأرجلهم المثقلة يطؤن ثنايا القلوب ويفترشون دواخل الروح. نلثم منهم الوجه والكفين والقدما
وحدهم في الميدان ..تحت لفح الشمس.. ظهيرهم في ذلك أخشاب وعصي ليست هي بعصى موسى فتتلقف العراقيل. مبدعون يعبرون بحر الخطوب. يسيرون بين الحاء والباء .يحملون على كواهلهم هم الإنسان ...
هي إرادة الحجر .وشموخ النخيل .يواجهون التهميش والنكران. بفضيلة نكران الذات وسيد القوم خادمهم بناؤون ,رسامون ,نحاتون و فنانون يستنطقون الحجر, فيحدث عن قصة سنمار:
كيف أن هذا البناء العبقري الذي فرغ لتوه من بناء أجمل قصر (وهو قصر الخورنق لملك في ذلك الزمان) فما كان من الملك إلا أن رماه من اعلى القصر, فقالت العرب جزاء سنمار..
واليوم يقف سنمارنا بعد إنجاز صرح معماري أصيل لا جزاء و لا شكورا يستشرف المستقبل فتترائ أمام نظراته شمعة مضيئة ودرب طويل.. فييمم شطرها بثقة وثبات هي إذا وخزة بسيطة لجسد المدينة المنهك ,وركلة على مؤخرة الزمان, كي يكتم أنفاسه أو ليداري سوءة الزمن الردئ.. حتى تنمحي كل الألوان عد لون الضمير..
فما أقبح الأقلام الملونة ,عند ما تخرج أيادي الصغار, ليسطر بها الكبار صخب الهوية المفتعل..
تحفر عروس البطاح "تجكجة" في الصخر, فتحدث عن حكاية حجر..
عنوانها :يا جبل ماتهزك ريح ..
فتضيف بعفوية واثقة وقناعة راسخة ,مدفوعة بعظمة أبنائها الغيارى ,سطرا خالدا ينضاف إلى صفحات كتاب المدينة المسطور.
# تجكجة تريد ان تشرب