تحل في الأسبوع الأول من شهر أغسطس القادم الذكرى التاسعة لوصول الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة عبر انقلاب عسكري نفذه ضحى يوم 06 – 08 – 2008، وتحل هذه الذكرى والرئيس قد تخلص من العديد من الشخصيات التي شكلت أركانا لحكمه طيلة السنوات الماضية، وشملت قائمة "التخلص" شخصيات في المجالات الاقتصادية، والعسكرية، والسياسية.
صحيفة "الأخبار إنفو" تتوقف في عددها اليوم مع عدد من هذه الشخصيات، متتبعة مسار علاقتهم بالرئيس، وطريقة إنهاء أدوارهم الوظيفية.
محمد ولد بو عماتو:
شكل السند المالي الأساسي لولد عبد العزيز بعيد الانقلاب، والداعم الرئيسي له في الحملة الانتخابية التي تلت ذلك، كما استغل علاقاته في فرنسا والسنغال لإقناع سياسي البلدين بالاعتراف بالانقلاب، والدفع نحو الاتفاق السياسي الذي عرف بـ"اتفاق داكار".
يتذكر الموريتانيون "مشهد" وقوفه خلف الرئيس ولد عبد العزيز في المهرجان الختامي لحملته في عرفات يوليو 2009، ومخاطبته للجماهير قائلا: "أنا محمد ولد بو عماتو من يعرفني، أو يعرف في أي خدمة فليصوت للرئيس محمد ولد عبد العزيز".
دب الخلاف سريعا بين الرجلين، ووصل ذروته بعيدة رصاصة اطويلة 2012، بعيد انتقال ولد بواعماتو إلى منفاه في مدينة مراكش المغربية، وتعرضت مؤسساته المالية للمضايقة، وكاد البنك العام لموريتانيا المملوك له يتعرض للإغلاق لولا وساطات "أهلية" وضعت حدا لتصاعد الخلاف بين الرجلين دون أن تنجح في إنهائه.
وجهت لولد بوعماتو عدة اتهامات من بينها سعيه لتفليس شركات وطنية لإحلال شركاته الخاصة مكانها، كما اتهمته السلطة بالتهرب الضريبي، وفرضت عليه غرامات قبل أن يطوى ملف القضية عن طريق وساطة أهلية دون أن ينتهي الخلاف بين الرجلين.
اللواء محمد ولد الهادي
يوصف بـ"المشجع" الأول للرئيس ولد عبد العزيز على تنفيذ انقلاب السادس أغسطس 2008 بعد تردد الأخير، كما شكل سنده الأساسي في الساعات الأولى بعد الانقلاب في ظل غياب اللواء محمد ولد الغزواني داخل البلاد.
تردد خلال هذه اليوم كثيرا بين القصر الرئاسي وكتيبة الأمن الرئاسي، وقيادة أركان الجيش، ولاحقا قصر المؤتمرات، وكان يد الانقلاب الاستخباراتية الأقوى.
وجد ولد عبد العزيز اللواء ولد الهادي كذلك في مرحلة أخرى مهمة بالنسبة له إبان الحراك الشبابي المتأثر بالربيع العربي 2011 حيث وقف الرجل – بحكم موقعه في إدارة الأمن - وراء تفكيك الحراك الشبابي الاحتجاجي، وتمكن من اختراقه بشكل أفشل مساعيه وبث الخلاف بين قادته.
كما وصلت يده إلى الحركات الحقوقية الفاعلة، فمزقتها، وأثارت الخلافات داخلها.
انتهى المطاف باللواء القوي – ورفيق لحظات الانقلاب – مقالا بشكل مهين من إدارة الأمن (يوم 18 – 01 - 2012) ومحالا إلى المنصب الأكثر هامشية بالنسبة للجنرالات، وهو الأمانة العامة لوزارة الدفاع.
وزيدت شحنة "إهانة" ولد الهادي فسُرب – بشكل شبه رسمي – ملف يربط بينه وبين إحدى شبكات تهريب المخدرات، قبل أن يقال بشكل نهائي من الأمانة العامة ليختفي عن الأنظار قبل أن يظهر نهاية نوفمبر 2016 وهو يصارع من أجل مصافحة ولد عبد العزيز خلال زيارته لآدرار قبل أن تبعده أيادي الحرس، وتبتلعه أمواج العامة المزدحمين.
مولاي ولد محمد الأغظف:
ظهر ولد محمد الأغظف بعد أيام قليلة من انقلاب 06 أغسطس 2008، حيث تولى منصب الوزير الأول (15 – 08 – 2008) وهو المنصب الذي ظل فيه حتى 20 أغسطس 2014.
خلال هذه الفترة شكل ولد محمد الأغظف رجل ثقة الرئيس، وخازن سره، ومستند علاقاته، وكان لـ"دبلوماسيته" وهدوئه الدور البارز في تجاوز نظام ولد عبد العزيز للعديد من العقبات والهزات التي تعرض لها داخليا وخارجيا.
واكب ولد محمد الأغظف الفترة الأكثر صعوبة بالنسبة لنظام ولد عبد العزيز، وهي الفترة الفاصلة بين الانقلاب والانتخاب (06 أغسطس 2008 إلى 18 يوليو 2009)، وتولى عمليا تسيير الدولة خلال فترة استقالة ولد عبد العزيز، كما أشرف على الانتخابات التي أعادته لكرسي الرئاسة.
وبعيد انتخاب ولد عبد العزيز رئيسا للبلاد بموجب اتفاق داكار أعاد الثقة في ولد محمد الأغظف ليستمرا معا خلال المأمورية الأولى التي انتهت منتصف 2014، كما تولى تسيير البلاد خلال الشهرين الذين أمضاهما ولد عبد العزيز في مشفى فرنسي بعيد إصابته برصاصة في أكتوبر 2012.
يوم 21 – 08 – 2014 – وبعيد انتخابه لمأمورية ثانية – أقال ولد عبد العزيز – وبشكل مفاجئ – مولاي ولد محمد الأغظف، وعين خلفا له وزير التجهيز والنقل في حكومته يحي ولد حدمين.
أربعة أشهر أمضاها ولد محمد الأغظف دون وظيفة رسمية، قبل أن يعيد ولد عبد العزيز ثقته فيه ويعينه وزيرا أمينا عاما للرئاسة يوم 29 يناير 2015.
استلم ولد محمد الأغظف بعيد تعيينه أمينا عاما للرئاسة ملف الحوار السياسي مع المعارضة، حيث عمل على إطلاق حوار شامل مع الأحزاب المعارضة، وكان في بعض الأحيان قاب قوسين أو أدنى من النجاح في مهمته، لكنها كانت في كل مرة تعود لنقطة البداية لأكثر من سبب، ومن بينها عدم رغبة جهات في السلطة وجناحها السياسي في نجاحه في المهمة، حسب مصادر مقربة منه.
يوم 29 – 05 – 2017 أقيل ولد محمد الأغظف من منصبه في الأمانة العامة للرئاسة بشكل مفاجئ، وجرى تداول أن ولد محمد الأغظف نفسه لم يخبر بإقالته حيث وصل مكتبه بشكل اعتيادي مع بداية العمل الأسبوعي قبل أن يقال وتدخل الحكومة في اجتماع استثنائي.
جرى الحديث عن أسباب كثيرة لإقالة ولد محمد الأغظف، ومن أكثر الأسباب تداولا كان الحديث عن معارضته للتعديلات الدستورية، والحديث عن توصيل خصومه تسجيلات منه ومن مقربين منه لولد عبد العزيز يتحدثون فيها بشكل غير إيجابي عن الاستفتاء الدستور
محمد محمود ولد محمد الأمين:
أول رئيس لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في البلاد، حيث تولى رئاسته عقب أول مؤتمر يعقده الحزب خلفا للرئيس "المؤسس" للحزب محمد ولد عبد العزيز.
وصل ولد محمد الأمين إلى رئاسة الحزب قادما من وزارة الدفاع، وتولى الإشراف على مشاركة الحزب في التجديد الجزئي للشيوخ 2009، كما أشرف على مشاركته في الانتخابات التشريعية والبلدية الوحيدة التي نظمت خلال مأموريتي ولد عبد العزيز الرئاسية.
"أقيل" ولد محمد الأمين من رئاسة الحزب الحاكم بداية مارس 2014، وذلك من خلال تحويل اجتماع عادي للمجلس الوطني للحزب إلى مؤتمر استثنائي، واختير لخلافته إسلك ولد أحمد إزيد بيه وزير الخارجية الحالي.
عين ولد محمد الأمين منتصف 2014 سفيرا لموريتانيا في المملكة العربية السعودية، قبل أن يقال فبراير الماضي من منصبه، ويستدعى إلى نواكشوط.
وأرجعت مصادر تحدثت لـ"الأخبار إنفو" إقالة ولد محمد الأمين إلى اتهام ولد عبد العزيز له بالوقوف وراء تردد السعودية في ملف تمويل صفقة شبكة كهربائية تربط نواكشوط بنواذيبو، وهي الصفقة التي منحت مؤخرا لشركة دولية يمثلها صهر الرئيس ولد عبد العزيز، وما تزال في التحكيم الدولي إلى الآن.
العقيد أحمد بمب ولد بايه أو الجنرال "الموقوف"
كان أول أمين دائم للمجلس الأعلى للدولة، وتولى الإشراف على المهرجانات والمسيرات الداعمة لانقلاب 2008، وكان متحدثا أسياسيا في العديد منها.
حول بعد ذلك واليا لولاية تيرس الزمور، قبل أن يقال بشكل مهين، عقب إحراق مقر الولاية في احتجاجات عمالية في المدينة يونيو 2013.
كما حُرم إثر إقالته من رتبة "جنرال" رغم أن مرسوم منحها كان قد صدر فعلا، ولم يبق سوى وصول التاريخ المحدد لحصوله عليها.
وشكل ولد بايه وولد الهادي استثناء من بين عدد من القادة العسكريين، حيث منحت مناصب أخرى لمن تقاعد منهم، وكانت في بعض الأحيان أحسن عائدات من وظائهم الأصلية.
فقد منح اللواء المتقاعد محمد ازناكي ولد سيد أحمد لعل منصب "المسير" الفعلي للأمانة العامة لمجموعة دول الساحل الخمس، فيما "فرض" اللواء المتقاعد جا آدما على الأمانة العامة لاتحادية المزراعين، ومنح العقيد المتقاعد سيدي أحمد ولد المان الأمانة العامة لرابطة العمد الموريتانيين.
سيدي أحمد ولد الرايس:
كان أول رئيس للوفد الممثل ولد عبد العزيز خلال المفاوضات بين الأطراف السياسية الموريتانية المعروفة بـ"دكار – 1"، وهو الاتفاق الذي أتاح ولد عبد العزيز الانتقال من مرحلة "الانقلاب" إلى "الانتخاب".
عين ولد الرايس في العام 2009 محافظا للبنك المركزي لمدة مأمورية من خمس سنوات، وتم التجديد له لمأمورية ثانية 2014 – في حالة نادرة بالنسبة لمحافظي البنك المركزي في موريتانيا – قبل أن يقال من منصبه في يناير 2015 بعد أشهر من بداية مأموريته الثانية.
وبعد أشهر من الإقالة، أعاد ولد عبد العزيز الثقة في ولد الرايس، حيث دخل الحكومة يوم 22 – 05 – 2015، وزيرا للاقتصاد والتنمية.
يوم 10 – 02 – 2016 استدعي ولد الرايس من مؤتمر استثماري في الإمارات، وتمت إقالته من منصبه، ودمجت وزارته مع وزارة المالية، ومنحت الوزارة الجديدة – أو الوزارتين المدمجتين - للوزير المختار ولد اجاي.
وأرجعت مصادر سياسية إقالته إلى وصول تسجيل منه للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عبر أحد زملائه في الحكومة، وكان يتحدث فيه عن ضرورة مراعاة المصلحة العامة في الإجراءات الحكومية، ومحاولة تخفيف وقع القرارات التي يتخذها ولد عبد العزيز، والتي لا تنطلق من رؤية اقتصادية سليمة، وهو التسجيل الذي أخرجه من مربع الوظائف إلى اليوم قبل أن يعصف تسجيل آخر بولد محمد الأغظف.
محمد يحي ولد حرمه:
رئيس وفد التفاوض الممثل لولد عبد العزيز خلال الجولة الثانية من المفاوضات السياسية التي تلت الانقلاب، أو ما يعرف إعلاميا بـ"داكار - 2"، ونائب رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم لسنوات، كان خلالها الوجه الأكثر اندفاعا في الدفاع عن ولد عبد العزيز وحكومته، ومهاجمة لمعارضته.
عين ولد حرمة وزيرا للاتصال ناطقا باسم الحكومة في تعديل جزئي يوم 31 – 03 – 2013، قبل أن يحال يوم 20 – 02 – 2014 إلى رئاسة المجلس الوطني للتنظيم "سلطة التنظيم".
أقيل ولد حرمه بشكل مفاجئ من رئاسة سلطة التنظيم (يوم 02 – 09 - 2015)، وعلم بقرار إقالته عبر وسائل الإعلام، كما تم استبعاده من الهيئات القيادية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وحرم من حقوقه لمدة قاربت السنتين.
محمد فاضل ولد الحضرامي الملقب امربيه ولد الولي
"امبراطور" وكالة سجل السكان والوثائق المؤمنة، وعضو أول مكتب تنفيذي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
عين مديرا لإدارة الحالة المدنية إبان رئاسة الرئيس الأسبق ولد الشيخ عبد الله، واحتفظ بإدارتها بعد تحويلها إلى وكالة لسجن السكان والوثائق المؤمنة.
جمع الرجل المسْتَنِدُ لعلاقة خاصة مع ولد عبد العزيز في يديه ملفات كانت متفرقة لدى العديد من الإدارات الحكومية الأمنية والإدارية، من بينها بطاقة التعريف، وشهادة الميلاد، وجواز السفر، وغيرهم من الوثائق الشخصية.
أسقط – بجرة قلم – لفظ "ولد" من أسماء كل الموريتانيين ما عدى قلة كان من بينهم ولد عبد العزيز نفسه، وفرض إجراءات تعقيدية – بل وصفت بأنها تعجيزية وتميزية – للحصول على الوثائق الثبوتية.
أمضى ولد الولي عقدا من الزمن مديرا لوكالة سجن السكان والوثائق المؤمنة قبل أن يقال بشكل مفاجئ – حتى له هو شخصيا – صبيحة الاثنين 29 – 05 – 2016.
كان ولد الولي صبيحة يوم إقالته قد عقد سلسلة لقاءات مع موظفيه تضمنت التهديد والوعيد، والحديث عن إجراءات وإصلاحات خلال الأشهر والسنوات القادمة قبل أن يفاجأ بقرار الإقالة.
وكان قرار الإقالة صادما له، حيث انعزل لوقت داخل مكتبه قبل أن يخرج ويحاول توجيه كلمة إلى العمال غير أن العبرة منعته من إكمال الكلمة.
كما عاودته العبرة بعد ذلك بأيام خلال حفل تسليم الأعمال لخلفه المهندس أحمد ولد المختار ولد بوسيف.
أعيد تعيينه يوم الأربعاء 07 – 06 – 2017 مديرا عاما لشركة تسيير المنشآت الكبرى لحوض غينيا ونهر السنغال، وهو أول مدير لهذا الشركة التي أنشئت من طرف منظمة استثمار نهر السنغال في شهر يناير 2016.
وإضافة لهؤلاء "تخلص" ولد عبد العزيز خلال السنوات الأخيرة من شخصيات أخرى واكبت نظامه خلال فترة بناء أركانه، ومن بينهم وزير التنمية الريفية إبراهيم ولد امبارك ولد محمد المختار، والطالب ولد عبد فال، وحمادي ولد حمادي، وآخرين.
نقلا عن صحيفة الأخبار إنفو الأسبوعية